الكاراتيه نوع من أنواع النزال الأعزل، يقوم الشخص فيه بالركل أو الضرب باليدين أو المرفقين أو الركبتين أو القدمين. ويعد
الكاراتيه إحدى صور النزال الأعزل الشرقية المتعددة التي تسمى فنون الدفاع عن النفس. وتعني كلمة كاراتيه في اللغة اليابانية اليد الخالية. وتوجه معظم الضربات الهجومية في الكاراتيه إلى تلك الأجزاء من الجسم التي تسهل إصابتها كالبطن والحلق. ويمكن أن تؤدي ضربة كاراتيه إلى إصابة شخص أو حتى إلى قتله.
هناك أربعة أنواع رئيسية من الكاراتيه، هي: الصيني والياباني والكوري والأوكيناوي. وكلها تستخدم الأساليب الأساسية نفسها، غير أن كل نوعٍ يركز على مهارات معينة، وله أسلوبه الخاص في الحركة، فيركز الكاراتيه الكوري ـ مثلاً ـ الذي يسمى التايكوندو على أهمية الركل. بينما يستخدم الكاراتيه الصيني المسمى كونغ فو حركات دائرية انسيابية تختلف عن الحركات العنيفة القوية للأنواع الأخرى. ويجمع الكاراتيه الذي يدرس في الدول الغربية في الغالب بين مميزات الأنواع الأربعة الصيني والياباني والكوري والأوكيناوي.
أبرز العديد من العروض السينمائية والتلفازية، التي عرضت خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، منازلات الكاراتيه في صور جذابة للمشاهدين، مما أثار الاهتمام والشغف بها. كذلك يزداد عدد الرجال والنساء الذين يتعلمون الكاراتيه كوسيلة للدفاع عن النفس، وتقوم مئات الكليات وأندية الكاراتيه ومدارس تدريب الجيش والشرطة وجماعات المساواة بين الجنسين بتدريس الأساليب الفنية للكاراتيه. ويشارك كثير من الناس كذلك في مسابقات الكاراتيه كرياضة.
التدريب على الكاراتيه. يجري عادة في صالات مغلقة، ويرتدي الطلاب والمدربون زيًا يشبه ملابس النوم (البيجامة) مكوَّنًا منقميص وسروال طويلين من القطن الأبيض بالإضافة إلى حزام ملون، ويقومون بالتدريب وهم حفاة الأقدام.
يستهل الطلاب تدريباتهم بأداء تمارين لتقوية عضلاتهم ومطها. ولتكتسب أيديهم وأقدامهم نوعًا من الخشونة، يقومون بالضرب العنيف على ألواح مدعمة باللباد. ويتمرنون على أكياس للَّكم، ومع الخصوم الخياليين، وكذلك بعضهم مع بعض.
وعندما يتدربون معا، فإنهم يوقفون ضرباتهم قبل وصولها للخصم بمسافات قصيرة، أو يلمسون الخصم لمسًا طفيفًا غير مؤثر. ولا يتم الضرب بكامل القوة إلا في حالة الدفاع عن النفس فقط.
يستطيع طلاب الكاراتيه أن يرتقوا في سلم هذه اللعبة من خلال رتب متنوعة، يبلغونها بوساطة إنجازاتهم. ويرمز لكل رتبة بحزام ذي لون مختلف، فالمبتدئون يلبسون الأحزمة البيضاء، أما ذوو الخبرة فيلبسون الأحزمة السوداء. وتمنح مدارس التدريب ألوانًا مختلفة تتضمن البني، والأخضر، والأرجواني لذوي الرتب المتوسطة. ويتأهل الطلاب للرتب الأعلى بعد أن يقوموا بعرض الأساليب الفنية التي تقتضيها الرتبة التالية أمام ممتحن معترف به أو مجموعة ممتحنين معترف بهم.
الأساليب الفنية الأساسية للكاراتيه. تتضمن الأساليب الفنية للكاراتيه الأوضاع أي طرق الوقوف، وطرق الصد والركل واللكم والضرب. وتتضمن الأوضاع: الوضع الخلفي، وضع القط، الوضع الأمامي وضع الفارس.
تستخدم طرق الصد لمحاولة إيقاف هجمات الخصم. وتتضمن الأساليب الفنية للركل: الركلة الأمامية، الركلة الدائرية، الركلة الخطافية، الركلة الجانبية.
ويتضمن اللكم الضربات بمفاصل أو عقد الأصبعين الأوليين في اليد (السبابة والوسطى). كما تستخدم في الضرب أجزاء أخرى من اليد، فعلى سبيل المثال، تستخدم حافة اليد المفتوحة في توجيه ضربة سيف اليد. ويتدرب الطلاب على مثل هذه الأساليب غالبًا وفق نماذج معدة مسبقًا يطلق عليها نماذج.
ويؤدي الصوت دورًا مهمًا في هذه اللعبة. فغالبًا مايصرخ المهاجم ياه ! يي آه! ليضع أقصى قوته في الضربة، وتنطلق هذه الصرخة بإخراج الهواء من الرئتين وبشد عضلات البطن، وأحيانًا يصرخ المهاجم قبل تسديد الضربات ليرّوع الخصم.
يتضمن كثير من العروض الفنية للكاراتيه استعراضات تحطيم أشياء متنوعة بالأيدي والأقدام. ولكن لا تتطلب معظم مدارس التدريب على الكاراتيه تدريب طلابها على مثل هذه الأساليب.
مباريات الكاراتيه. هناك نوعان من مباريات الكاراتيه: المنافسات المقيدة، المنازلات الحرة.
يقوم المتباري في المنافسة المقيدة باستعراض نماذج متنوعة أمام هيئة تتكون من خمسة قضاة، يمنح كل قاض منهم المتباري نقاطًا تتراوح بين نقطة واحدة وعشر نقاط. ويفوز في المنافسة المتباري الذي يحصل على أعلى مجموع من النقاط.
أما في المنازلة الحرة فيخوض المتنافسان النزال دون اتباع أساليب فنية معدة مسبقًا. ويراقب كل مباراة حكم واحد وأربعة قضاة. يسجل اللاعب النقاط عندما يسدد ضربة إلى خصمه يعدها أغلبية القضاة فعَّالة. وينبغي أن تبدأ الضربة بكل القوة لكن تتوقف قبل أن تصيب الخصم في جزء من الثانية. ويمكن أن تلمس الضربات التي توجه إلى وسط الجسم الخصم لمسًا طفيفًا. لكن تمنع قواعد اللعبة توجيه الضرب إلى مناطق معينة في الجسم واستخدام ضربات كاراتيه خطيرة كثيرة.
نبذة تاريخية. استخدم الرهبان البوذيون في الهند منذ تاريخ يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد نوعًا من الكاراتيه؛ ليدافعوا به عن أنفسهم ضد الحيوانات الضارية. وقد مارست جماعة يطلق عليها اسم الهوارانج خلال القرن السادس الميلادي الكاراتيه في سيلاَّ، التي عرفت باسم كوريا فيما بعد. وكان الهوارانج شبابًا يُنْتَقَوْن للتدريب؛ ليصبحوا قادة عسكريين.
تطور الكاراتيه أكثر في القرن السابع عشر الميلادي في جزيرة أوكيناوا، بعد أن أخضعت إحدى العشائر اليابانية الجزيرة لحكمها، وأصدرت تشريعات صارمة تطبق على كل من يقتني أسلحة. لذا طور الأوكيناويون كثيرًا من أساليب النزال الأعزل للكاراتيه الحديث، وانتشر الكاراتيه في اليابان بعد ذلك، بعد أن أصبحت أوكيناوا مقاطعة يابانية في عام 1879م.
الكاراتيه في الدول العربية. الكاراتيه بأنواعه من الرياضات الحديثة في الدولة العربية، ولكنه انتشرت بسرعة كبيرة في كثير منها. وتحظى رياضة الكاراتيه بإقبال وشغف الكثير من الشباب والنشء في الدول العربية لممارستها وتعلم فنونها. وتعتبر كل من مصر وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية في مقدمة الدول العربية التي بدأت ممارسة رياضة الكاراتيه وحققت فيها تقدمًا ملموسًا.
دخلت رياضة الكاراتيه إلى سوريا عام 1384هـ، 1964م، عن طريق شمس الدين الصوفاني الذي تعلم فنونها في اليابان ـ وقام ـ بالتعاون مع بعض اليابانيين الذين قدموا إلى سوريا بنشرها في أنحاء سوريا، ومن ثم امتد انتشارها إلى لبنان.
ودخلت رياضة الكاراتيه في المملكة العربية السعودية عام 1389هـ، 1969م عن طريق محمد الفايز القليش الذي بدأ بإدخالها في معهد التربية الرياضية وكلية قوى الأمن الداخلي بالرياض، ومن ثم انتشرت في أنحاء المملكة كافة. وفي عام 1395هـ، 1975م، تأسس أول اتحاد رياضي يشرف على نشاط هذه الرياضة في المملكة تحت اسم الاتحاد السعودي للكاراتيه والجودو والتايكوندو، وقام هذا الاتحاد بتنظيم أول بطولة للكاراتيه في المملكة عام 1396هـ، 1976م على كأس الرئيس العام لرعاية الشباب، واستمر بعد ذلك في تنظيمها سنويًا. وتكوّن أول اتحاد مصري للكاراتيه عام 1392هـ، 1972م عمل على نشر رياضة الكاراتيه في أنحاء مصر، ودخلت هذه الرياضة كثيرًا من الأندية الرياضية، كما أدخلت ضمن برامج الكليات العسكرية وازداد عدد ممارسيها، وتطور مستوى لاعبيها بشكل ملحوظ خلال وقت قصير من بدء دخولها في مصر.
تأسس الاتحاد العربي للكاراتيه عام 1395هـ، 1975م الذي يقوم بالتعاون مع الاتحادات المحلية بالإشراف على نشاطات رياضة الكاراتيه في الدول العربية. ويقوم الاتحاد بتنظيم عدد من بطولات الكاراتيه على مستوى الدول العربية، من أبرزها البطولة العربية للكاراتيه التي تقام بانتظام. ويواصل لاعبو الكاراتيه في مختلف الدول العربية السعي لتطوير مستوياتهم وتحقيق مكانة عالمية مرموقة بين لاعبي الدول الأخرى. وقد حقق بعض الأبطال العرب في الكاراتيه انتصارات عالمية مشهودة منها: فوز كل من البطلين السعوديين عبدالله محمد عسيري، وبندر محمد القماز بالميدالية الذهبية في بطولة العالم العسكرية الرابعة للتايكوندو عام 1413هـ، 1992م، فوز البطل المصري يحيى علام بالميدالية الذهبية في كل من بطولة العالم للرجال والأولمبياد المصغرة وبطولة اليونان الدولية للتايكوندو عام 1415هـ، 1994م، فوز الناشئ المصري كريم شريف فكري بالميدالية الذهبية في بطولة العالم للناشئين تحت 12 سنة للكاراتيه عام 1415هـ، 1994م.
حافظت الدول العربية على مكانتها العالمية من خلال الانتصارات المرموقة التي حققتها في مختلف المسابقات. فقد أحرز اللاعب المصري يحيى علام الميدالية الذهبية في التايكوندو لفوزه بالمركز الأول في بطولة العالم للتايكوندو عام 1994م. وأحرز المنتخب السعودي للتايكوندو كأس بطولة كأس الخليج للتايكوندو لفوزه بالمركز الأول في البطولة الأولى التي أقيمت عام 1996م. وأحرز اللاعب المصري تامر عبدالمنعم الميدالية الذهبية في التايكوندو لفوزه بالمركز الأول في بطولة العالم للتايكوندو التي أقيمت عام 1997م في هونج كونج. وأحرز المنتخب المصري للتايكوندو المركز الخامس في البطولة نفسها وسط 86 دولة مشاركة فيها. وأحرزت اللاعبة المصرية مروة إلهامي الميدالية الذهبية في التايكوندو لفوزها بالمركز الأول في بطولة كأس العالم للتايكوندو التي أقيمت عام 1997م بمدينة القاهرة في مصر. وأحرز المنتخب المصري للتايكوندو المركز الخامس في البطولة نفسها وسط 16 دولة مشاركة فيها. وفاز المنتخب المصري للتايكوندو بالمركز الأول على مستوى البحر المتوسط في البطولة التي أقيمت عام 1997م بمدينة روما بإيطاليا. وفاز فريق نادي الهلال السعودي للتايكوندو بالمركز الأول في بطولة الأندية العربية للتايكوندو التي أقيمت عام 1997م في بيروت، وحقق فريق نادي المون لاسال اللبناني المركز الثاني، وفريق نادي الفارس الأردني المركز الثالث في البطولة